حين تصبح البساطة سلاحًا ذا حدّين .. هل لا تزال صناديق المؤشرات تمثّل الاقتصاد؟
لطالما اعتُبرت صناديق المؤشرات خيارًا بسيطًا وذكيًا لدخول عالم الاستثمار، يضمن التنويع ويقلل المخاطر، لكن هذا التصور يواجه اليوم تحديات جوهرية، بعدما باتت هذه الصناديق تعكس تحركات قلة من الشركات العملاقة، بدلًا من تمثيل شامل للاقتصاد. فهل ما زالت المؤشرات تحقق هدفها الأصلي؟ أم أن تغير هيكل السوق جعلها مرآة مشوهة لحقيقة الأداء الاقتصادي؟
تركيز السوق
– يشير “مايكل كانرويتز” من “بايبر ساندلر” إلى أن الأسواق المالية باتت أكثر تركّزًا من أي وقت مضى، ما يجعل الاستثمار في المؤشرات أقرب للمضاربة على شركات بعينها لا على الاقتصاد كله.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
خداع التنويع
– يعتقد المستثمر أنه يحصّن محفظته ضد المخاطر، لكنه في الواقع قد يكون مكشوفًا بشدة لتقلبات سبع أو عشر شركات فقط (كما في السوق الأمريكي) خصوصًا في ظل صعود أسهم الذكاء الاصطناعي.
فقاعة جديدة
– وفقًا لكبير الاقتصاديين لدى شركة “أبولو”، “تورستن سلوك”، فإن تقييمات أكبر عشر شركات في مؤشر “إس آند بي 500” تتجاوز حاليًا مستويات فقاعة الإنترنت، مما يعكس تضخمًا غير طبيعي في وزن تلك الشركات داخل المؤشر.
خلل أم نظام؟
– حتى الصناديق القطاعية ليست بمنأى عن الخلل، حيث تعاني من انحرافات عن أداء المؤشرات المرجعية، بسبب قيود قانونية تمنعها من تمثيل الوزن الحقيقي لبعض الشركات الضخمة.
ليست استثناء
– لا يقتصر الخلل على قطاع التكنولوجيا فحسب، بل يمتد إلى قطاعات أخرى مثل الاتصالات والسلع الاستهلاكية، حيث يؤدي التركز المرتفع لعدد محدود من الشركات إلى انحراف أداء الصناديق القطاعية عن المؤشرات المرجعية والواقع الفعلي للسوق.
هل تغيّب الأساسيات؟
– يخشى البعض أن يؤدي انتشار الاستثمار السلبي إلى تغييب العوامل الأساسية في تقييم الأسهم، حيث لم يعد يُنظر إلى أخبار الشركات وأرباحها كعوامل حاسمة، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى انحراف صناديق المؤشرات عن هدفها الأصلي (تقديم خيار بسيط ومنخفض التكلفة) وتحولها إلى منتجات تجارية.
معضلة الكفاءة
– تُضعف كثافة الصناديق السلبية من كفاءة السوق، لأن قرارات الشراء والبيع لم تعد مبنية على تقييم دقيق، بل على إدراج السهم في المؤشر، وهذا قد يؤدي إلى تكرار الأخطاء وتسعير غير عادل لبعض الأسهم.
أداء معاكس
– تفوقت الأسهم مرتفعة السعر على الأسهم الرخيصة في السوق الأمريكية منذ عام 2009، كما حققت الشركات الكبيرة أداءً أفضل من الصغيرة، وهو نمط يعاكس القواعد التقليدية التي كانت تُكافئ المستثمرين على اختيار الشركات المقومة بأقل من قيمتها العادلة، ما يعزز فرضية أن تدفقات المؤشرات (لا التحليل الأساسي) باتت المحرك الأساسي للسوق.
تسويق مضلل
– بحسب استطلاع أجرته شركة “كارن“ يرى 88% من مديري الثروات والمستثمرين المؤسسيين أن العديد من صناديق المؤشرات النشطة لا ترقى لمستوى النشاط المزعوم، بل تكتفي بتغييرات طفيفة حول المؤشر المرجعي، ما يضعف مبرر تكاليفها المرتفعة.
استراتيجيات معلبة
– تبرز موجة جديدة من الصناديق التي تُسوّق على أنها تتيح للمستثمر العادي فرصة “نسخ” استراتيجيات المليارديرات عبر تتبع إفصاحاتهم الفصلية، لكنها لا تعكس تحركات فورية، ولا تُظهر الصورة الكاملة، وقد تضر المستثمر العادي أكثر مما تفيده.
المصادر: أرقام – معهد المحللين الماليين المعتمدين – فاينانشال تايمز – بيزنس إنسايدر – ماركت ووتش – ذا هيل – ذا أتلانتيك
للمزيد من المقالات
اضغط هنا
التعليقات