استمرت سيطرة التوترات الجوسياسية على حركة الأسواق في ثاني جلسات الأسبوع، وسط تصاعد مخاوف دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة إلى جانب إسرائيل ضد إيران، في خطوة من شأنها زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية.
هوت بورصات الولايات المتحدة، وأوروبا في ختام جلسة الثلاثاء، فيما سجلت الأسواق الصينية تراجعاً طفيفاً، لكن السوق اليابانية خالفت الاتجاه ونجحت في تحقيق مكاسب عقب تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير كما كان متوقعاً.
جاء ذلك بعدما هدد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في منشور بعد عودته من كندا، حيث قطع مشاركته في قمة مجموعة السبع، بتصعيد الصراع في الشرق الأوسط من خلال استهداف أعلى قيادات إيران، مطالباً طهران بالرضوخ إلى استسلام غير مشروط.
وعمّق من حدة المشهد، انعقاد اجتماع لمجلس الأمن القومي الأمريكي ناقش خلاله الرئيس، وفق تقارير صحفية، توجيه ضربة مباشرة لإيران ضمن مجموعة خيارات مطروحة، بينما واصل البنتاجون تعزيز وجوده العسكري في المنطقة عبر إرسال المزيد من الطائرات المقاتلة.
أدى تفاقم التوترات الجيوسياسية إلى صعود النفط بأكثر من 4%، رغم خفض وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على الخام في 2025، مشيرة إلى وفرة محتملة في المعروض نتيجة توسع الطاقة الإنتاجية، وتوقعات الوصول لذروة الطلب بحلول عام 2027.
وفي مؤشر آخر على احتدام القلق في الأسواق، رصدت وكالة “بلومبرج” قفزة في تكلفة شحن النفط من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا بنسبة قاربت 60% خلال أقل من أسبوع، وبينما قللت شركة “إيني” الإيطالية من شأن المخاوف المتعلقة بإمدادات النفط والغاز، قفزت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 2%.
أما الذهب، فتراجع تحت وطأة زيادة الدولار التي بددت آثار كثافة الإقبال على الملاذات الآمنة، فيما تراجعت أسعار العملات المشفرة، ما ألقى بظلال من الشك على قدرة البيتكوين على لعب دور “الذهب الرقمي”.
وفي سياق متصل، كشف استطلاع لمجلس الذهب العالمي أن غالبية البنوك المركزية حول العالم تتوقع زيادة احتياطياتها من المعدن النفيس خلال السنوات الخمس المقبلة بالتوازي مع تقليص حيازاتها من الدولار الأمريكي.
اقتصادياً، أظهر مسح أجراه معهد “زد إي دبليو” ارتفاعاً في ثقة المستثمرين بألمانيا خلال مايو لتسجل أعلى مستوى في ثلاثة أشهر، بينما تراجعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع، متأثرة بضبابية المشهد التجاري في ظل سياسة “ترامب” الحمائية، كما انخفض الإنتاج الصناعي بوتيرة تجاوزت توقعات المحللين.
ويُتوقّع أن تستمر هذه الضبابية في ظل تمسّك الإدارة الأمريكية بموقفها المتشدد، حيث لوّح “ترامب” بفرض رسوم جمركية على الأدوية، مؤكداً أن اتفاقاً تجارياً مع اليابان لا يزال ممكناً رغم صرامتها في التفاوض، كما انتقد الاتحاد الأوروبي، متهماً إياه بعدم تقديم عرض عادل حتى الآن.
وفي تحرك يعكس تغيراً في أولويات القارة العجوز، كشفت المفوضية الأوروبية عن مقترح لتخفيف قواعد اندماج شركات الصناعات العسكرية، بهدف جذب مزيد من الاستثمارات، في ظل الحاجة المُلحة للتوسع في إنتاج الأسلحة بسرعة استعداداً لأي صراع محتمل، خاصة مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الرابع.
وبين هذا السباق نحو التسليح، وتلك التوترات المتأججة في الشرق الأوسط، يبقى السؤال الأبرز حالياً: كيف استجابت أسواق الأسهم تاريخياً للصراعات العسكرية؟
التعليقات