هل يجوز فضح مرتكب المعصية على مواقع التواصل؟ فتوى رسمية توضح الحكم الشرعي والقانوني

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤالٌ يتكرر كثيرًا: ماذا أفعل إذا رأيت شخصًا يرتكب معصية؟ هل يجب عليّ إبلاغ الآخرين أو فضحه عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
أجابت دار الإفتاء بأن الأصل في الشريعة الإسلامية هو الستر لا الفضيحة، فالله عز وجل يحبّ من عباده أن يستروا على بعضهم البعض، حتى وإن بدر منهم خطأ أو معصية. فقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: “من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة” (رواه مسلم)، وفي رواية أخرى: “من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته” (رواه ابن ماجه).
لماذا يجب أن نستُر على من يرتكب المعاصي؟
أكدت دار الإفتاء أن الستر على الناس خلق إسلامي رفيع، وهو واجب شرعي في حق النفس وفي حق الآخرين. ونقلت عن الإمام ابن عبد البر قوله: “الستر واجب على المسلم في نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب عليه كذلك في غيره” – التمهيد، 5/337. كما أشار الشيخ عليش المالكي في كتابه منح الجليل إلى أهمية الستر، بقوله: “يجب ستر الفواحش على نفسه وعلى غيره”، مستشهدًا بحديث النبي: “من أصاب من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله.”
النشر على الإنترنت… مخالفة شرعية وجريمة قانونية
وأوضحت دار الإفتاء أن نشر المعاصي أو فضح الأشخاص على الإنترنت يعد تعديًا صريحًا على خصوصيات الناس، وينافي القيم الأخلاقية والدينية. بل إن الأمر لا يتوقف عند الجانب الشرعي، بل يصل إلى الجانب القانوني، إذ يُعَدّ ذلك مخالفة صريحة لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
ففي المادة (25) من هذا القانون، ورد ما نصه: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة.”
الخلاصة: الستر أولى من الفضيحة
استنتجت دار الإفتاء في نهاية فتواها أن التستر على العاصي أفضل من فضحه، ما لم يكن في فعله ضرر على الآخرين أو تهديد للأمن العام. فالستر دليل على التراحم، ويحفظ كرامة الأفراد، ويغلق باب الفتنة والفضيحة. أما النشر عبر الإنترنت، فيفتح باب الأذى، ويورث العداوة، ويقود صاحبه إلى المساءلة الدنيوية والأخروية.