«الهشة» التي قصمت ظهر البعير – أخبار السعودية
الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية: لحظة فارقة وصوت العقل في زمن الاضطراب.
جاء الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية بوصفه لحظة مفصلية في التاريخ المعاصر، ليس فقط لأنه يدعم الحقوق الفلسطينية بعد أكثر من ستة عقود من الانتظار، بل لأنه يضع حلم الدولة المستقلة على طاولة النقاش الدولي مجدداً، ويفرضه كحقيقة سياسية لا يمكن تجاهلها.
هذا التحول لم يكن ليحدث لولا الجهود المكثفة التي قادتها المملكة العربية السعودية خلال الأشهر الماضية، وخصوصاً في تنظيم المؤتمر الدولي الذي شكّل منصة سياسية وأخلاقية دفعت بعدد من الدول إلى اتخاذ مواقف واضحة تجاه حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. ورغم التحديات السياسية والدبلوماسية الهائلة التي أحاطت بهذا المؤتمر، فإن مخرجاته أثبتت أن العمل العربي المشترك حين يتناغم مع التحركات الدولية قادر على إحداث تغيير ملموس.
إن هذا الاعتراف الفرنسي، ومعه سلسلة اعترافات مماثلة من دول أوروبية وأخرى من أمريكا اللاتينية، يمثِّل دفعة قوية لجهود السلام، ويضع مزيداً من العزلة حول خطاب التشدد والتطرف. كما يبعث برسالة أمل إلى الجيل الفلسطيني الجديد الذي عانى ويلات الاحتلال والحصار، جيل يتوق إلى مستقبل مختلف، ينفض فيه عن كاهله غبار الجوع والألم والخذلان، ويتطلع إلى الحياة بكرامة داخل دولته المستقلة.
إن الحق في إقامة الدولة ليس منّة من أحد، بل هو استحقاق قانوني وأخلاقي وسياسي. وبدون قيام دولة فلسطينية مستقلة، لن يرى الشرق الأوسط سلاماً حقيقياً أو استقراراً دائماً. فالمشهد الحالي في غزة -بكارثته الإنسانية الفادحة التي يشهدها العالم يومياً- يثبت أن غياب الحل العادل يُغرق المنطقة في دوامة عنف لا تنتهي، ويمنح التطرف بيئة خصبة للنمو.
لقد أكدت القيادة السعودية مراراً، وبكل وضوح، أنه لا سلام ممكن دون نيل الفلسطينيين حقوقهم، وعلى رأسها إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. هذا الموقف المبدئي أصبح اليوم أكثر قبولاً على المستوى الدولي، خصوصاً مع تآكل المبررات الإسرائيلية في ظل ما يُرتكب من انتهاكات مروعة في غزة.
ورغم شعور إسرائيل بتفوقها العسكري والدبلوماسي، فإن القضية الفلسطينية أثبتت أنها «الهشّة» التي لا يمكن سحقها، بل التي قد تُعيد تشكيل المعادلات الدولية من جديد. وما حدث في باريس ليس نهاية المطاف، بل خطوة أولى على طريق طويل، تتطلب مزيداً من التضامن والشجاعة السياسية.
أخبار ذات صلة
للمزيد من المقالات
اضغط هنا
التعليقات