ليس كلُّ رجل خائناً.. ولا كل امرأة ضحية.. ! – أخبار السعودية
كتبت على صفحتها تقول بصوت واثق متناغم مع شخصيتها القوية:
هذا رأيي فيكم أيها الرجال قاطبة لا أستثني منكم أحداً.
قرأت ما كتبت على مكث وروية، ليكون ردي مقنعاً، فمن الصعب أن تُقنع أنثى تعتقد دائماً أنها على صواب.
في عالم العلاقات الإنسانية تختلط التجارب وتتنوع الشخصيات، ولا يمكن تصنيف أنواع الرجال وتعميم هذه الصفات على كل ذكر يمشي على الأرض. تقول صاحبة التعميم الظالم بنبرة ساخرة وبحروف غاضبة، يَسِم الرجال بصفات سلبية منحازة لنون النسوة بامتياز تحدثت فيه عن 13 نوعاً من «الرجال» ووصفتهم جميعاً بطريقة ساخرة ولكن في جوهرها تنطوي على نظرة اختزالية وعامة وظالمة للرجل.
تقول فيه راجل يحبك زي أمه، وراجل يأخذك بدل أمه! وفيه راجل يتنفس كذباً. وفيه اللي ما يصدق تعطي له قلبك حتى يبيعه بثمن بخس، وفيه اللي يجري وراء الستات وعيونه دائماً فارغة، وفيه النرجسي، وفيه اللي يمثل دور الضحية، وفيه الكذاب، وفيه راجل عدو لنجاحك.
كل هذه الأوصاف وغيرها في جوهرها تنطوي على نظرة اختزالية وعامة وظالمة للرجل.
لا أحد ينكر أن هناك نماذج سلبية ومؤذية في أي مجتمع، سواء بين الرجال أو النساء.
لكن الخطورة تكمن حين يتحول النقد من تقويم السلوك الفردي إلى جلد جماعي، ومن تحليل الحالات إلى تصنيف كل جنس تحت عنوان ساخر أو هجومي.
إن التعميم هو السلاح الأضعف والأخطر، وهو تعميم فج، يَنسف وجود ملايين الرجال الطيبين، المحترمين، الداعمين، الذين يقدرون المرأة ويحترمونها بكل محبة ووعي وإدراك، ويقدمون على عتباتها المقدسة كل فروض الطاعة وواجبات التقدير.
العلاقات لا تبنى على اختزال الناس في أنماط جاهزة، بل تُبنى على الحوار، التفاهم، والتجربة الشخصية، والعشرة والمعاملة.
حين ينتقد الرجل لأنه «ابن أمه»، أو المتحكم أو النرجسي أو الخائن والكذاب وأبو عين طويلة يهوى المعاكسة ومطاردة النساء..
ماذا عن النظير الأنثوي؟
هل لا توجد امرأة تعتمد على والدتها في كل قرار؟
هل لا توجد نساء يتحكمن في الشريك باسم الغيرة أو الحب؟
هل الخيانة فعل فردي يفعله الرجل وترفضه الأنثى؛ التي تستخدم كل أسلحة حواء حتى يقع الرجل في حبائلها ثم تربطه بحبل ليدور في فلكها ثم تمارس عليه كل أنواع ساديتها؟
وهل النرجسية أو الأنانية صفات رجالية فقط؟
بالطبع لا، فهذه سمات إنسانية، لا حكر لجنس دون آخر.
والعدل يبدأ من توزيع المسؤولية بعدل، لا عبر قوالب هجومية.
النص صيغ بلغة ساخرة، لكنه يحمل بين طياته سمّاً ناعماً من التحقير والتقليل من شأن الرجل ككائن عاطفي وشريك حياة.
كل وصف تقريباً ينتهي إلى فكرة أن الرجل إما هو عبء، أو متخلف، أو مستنزِف، أو خطر، أو غير ناضج.
وكأن المرأة دوماً الضحية والرجل دوماً الجلاد، مع أن الواقع أعقد من ذلك بكثير.
فلنقلب الطاولة.. لو كُتبت مقالا بعنوان «أنواع الستات» وتم فيه حصر 13 نوعاً من السلبيات مثل الست الغيورة، المتصنعة، الكذابة، الأنانية، الناقدة، المتشائمة، الدرامية، الخائنة، والدلوعة… إلخ.. لقامت الدنيا ولم تقعد.
المشكلة ليست في السخرية، بل في التحامل الذي روجت له ورقتها على أنه وعي أو تحذير نسوي، في حين أنه يُكرس مشاعر الرفض والكراهية والصراع بين الجنسين بدلاً من خلق بيئة تفاهم ونمو.
إن العلاقة بين الرجل والمرأة شراكة إنسانية سامية، أياً كانت العلاقة، لا مجال فيها للخصام العامي أو الهجوم الساخر أو الحكم المطلق.
الرجل لا يحتاج إلى أن يكون «كاملاً» بلا أخطاء، والمرأة لا تحتاج أن تكون «ضحية دائمة» تنتظر فارساً يفهمها من أول نظرة.
نحتاج في حياتنا إلى الحكمة والنضج العاطفي، وليس لتربية أجيال من البنات يعتقدن أن كل الرجال «طاقة سلبية»، أو أولاد يعتقدون أن المرأة شيطان.
فلنوجه طاقتنا نحو احترام المرأة وتقديرها والعكس، وبناء علاقات قائمة على الحوار لا التحكم، ورفض العلاقات المؤذية سواء صدرت من رجل أو امرأة.
في زمنٍ نحتاج فيه إلى تجسير الفجوة بين الرجل والمرأة لبناء مجتمعات متوازنة، فإن مثل هذه الآراء، رغم طرافتها الشكلية، تساهم في تعميق الانقسام والتخندق العاطفي.
ليس كل الرجال «أنواعاً سيئة»، كما أنه ليس كل النساء «ملائكة مضطهدات» نحن بشر، فينا الطيب والخبيث، الواعي والساذج، الناضج والطفل. فلنُعِد النظر على الوعي لا السخرية، وعلى حب يُبنى لا كراهية تُروّج.
أخبار ذات صلة
للمزيد من المقالات
اضغط هنا
التعليقات