تواجه صناعة السيارات الفاخرة العالمية تحديات متصاعدة على خلفية الرسوم الجمركية التي أعادت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على واردات السيارات ومكوناتها من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الصناعية الكبرى، في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة.
وتسببت الرسوم الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ مؤخرًا، في تقليص هوامش الأرباح لدى شركات السيارات الأوروبية، وعلى رأسها علامات مرموقة مثل مرسيدس-بنز، وبي إم دبليو، وأودي، وبورش، والذين تعتمد أسواقها بشكل كبير على الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للسيارات الفاخرة في العالم.
وفي تقرير لوكالة “الشرق”، أوضح محللون أن القرار الأمريكي برفع الرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 25 و35% على السيارات الفاخرة وقطع الغيار المستوردة، يهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي، لكنه في الوقت ذاته يُنذر بإحداث ارتباك واسع في سلاسل التوريد العالمية، وتقويض استقرار الشركات التي تعتمد على التكامل الصناعي بين الأسواق.
من جهتها، عبّرت الشركات الأوروبية عن “قلقها العميق” إزاء التداعيات المحتملة للقرار الأمريكي، مشيرة إلى أنها قد تُضطر إلى إعادة هيكلة استراتيجياتها الإنتاجية، بما يشمل توسيع خطوط التجميع داخل الولايات المتحدة لتجنب الرسوم، أو تقليص كميات التوريد للأسواق الأمريكية.
كما حذرت غرفة التجارة الألمانية من أن القرار الأمريكي قد يؤدي إلى خسائر مباشرة تُقدر بمليارات الدولارات سنويًا لصناعة السيارات الألمانية، بالإضافة إلى فقدان آلاف الوظائف في مصانع إنتاج المحركات والأنظمة الفاخرة التي تُصدَّر خصيصًا للسوق الأمريكية.
أما على الجانب الأمريكي، فقد دافع مسؤولون في الإدارة عن القرار، مؤكدين أن الهدف منه هو “حماية الصناعة الوطنية” وتشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار المباشر في الداخل الأمريكي، ما من شأنه أن يعزز خلق فرص العمل ويدعم الإنتاج المحلي.
لكن هذا المبرر لم يُقنع المستثمرين والمحللين، الذين يرون في الإجراءات تصعيدًا قد يقود إلى ردود انتقامية من الاتحاد الأوروبي، تشمل فرض رسوم على صادرات أمريكية أخرى مثل الطائرات أو المنتجات الزراعية، مما يفتح الباب أمام حرب تجارية مفتوحة تضرب قطاعات حيوية.
وعلى الرغم من الضغوط، تسعى بعض شركات السيارات الفاخرة إلى تخفيف أثر الرسوم عبر زيادة الاعتماد على التقنيات المحلية أو تقديم طرازات جديدة موجهة خصيصًا للأسواق غير الأمريكية، لتعويض التراجع المحتمل في المبيعات.
ويُنتظر أن تُطرح القضية ضمن أجندة المحادثات التجارية الأمريكية الأوروبية خلال الأشهر المقبلة، وسط آمال بأن يتم التوصل إلى تسوية تجنب القطاع الصناعي الفاخر مزيدًا من الخسائر.
التعليقات