التخطي إلى المحتوى

حذر بنك «يو بي إس» السويسري من أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة قد تدفع مستهلكي السلع الفاخرة في الولايات المتحدة إلى زيادة الشراء من الخارج، في ظل تزايد الضغوط على هوامش أرباح الشركات الأوروبية. وأشار البنك في تقريره الأخير إلى أن علامات الأزياء والإكسسوارات الفاخرة قد تضطر إلى رفع الأسعار في السوق الأمريكية بنحو 2% لتعويض أثر الرسوم التي تم فرضها بموجب الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأوضح التقرير أن الاتفاق أتاح لواشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على واردات السلع الفاخرة الأوروبية، وهو ما يقل عن نسبة الـ20% التي كانت مهددة سابقًا، إلا أنها تظل كفيلة بتأثير مباشر على الأرباح التشغيلية للقطاع. وتُقدر تحليلات «يو بي إس» أن عدم تعديل الأسعار سيؤدي إلى تراجع الأرباح التشغيلية لشركات السلع الفاخرة بنحو 3%، فيما يمكن لزيادة عالمية في الأسعار بنسبة 1% فقط أن تعوض معظم هذا التراجع.

وفي هذا السياق، بدأت بالفعل شركات أوروبية كبرى مثل «ريشمون» (المالكة لعلامة كارتييه)، و«سواتش»، و«إل في إم إتش»، و«هيرميس»، و«مونكلير»، و«إيسيلور لوكسوتيكا»، و«فيراري» في رفع أسعار منتجاتها بالولايات المتحدة، بينما تخطط شركات أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة خلال الأشهر المقبلة. ويرى محللو «يو بي إس» أن هذه الزيادة المحدودة في الأسعار تبدو قابلة للتحمل بالنسبة لشريحة مستهلكي السلع الفاخرة، إلا أنها قد تختبر حدود مرونة الطلب، خاصة مع احتمالية توسع الفجوة السعرية بين الولايات المتحدة والأسواق الخارجية.

ووفقًا للتقديرات، قد ترتفع الفجوة السعرية الإقليمية إلى نحو 10%، مما قد يعزز من جاذبية الشراء من أوروبا للمستهلك الأمريكي، لا سيما مع إمكانية استرداد ضريبة القيمة المضافة، وهو ما يُرجح تحولًا في أنماط الإنفاق نحو الشراء أثناء السفر أو عبر القنوات الدولية.

وأشار التقرير إلى أن بعض المستهلكين الأمريكيين ربما قاموا بعمليات شراء استباقية قبل تطبيق الرسوم الجمركية، مما قد يؤثر على الطلب في الربع الثالث من عام 2025. وقال المحللون، ومنهم زوزانا بوش: «لا يزال من غير الواضح ما إذا كان السوق الأمريكي يتمتع بالمرونة الكافية لاستيعاب زيادة الأسعار، لذلك سيكون من المهم مراقبة الطلب عن كثب خلال الفترة المقبلة».

وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه قطاع السلع الفاخرة منافسة شديدة وتحديات متزايدة تتعلق بالتسعير، مع ضغوط التضخم وتقلبات أسعار الصرف، فضلًا عن التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى. ويُتوقع أن تواصل الشركات البحث عن استراتيجيات تسعير متوازنة تضمن الحفاظ على هوامش الأرباح دون الإضرار بالطلب، خاصة في الأسواق ذات الأهمية الاستراتيجية مثل الولايات المتحدة.

كما يُبرز التقرير أهمية استراتيجيات التنويع الجغرافي للمبيعات لدى العلامات الفاخرة، بهدف الحد من الاعتماد على سوق واحدة وتقليل التعرض لتأثيرات الرسوم الجمركية. ويرى الخبراء أن استمرار هذه الرسوم قد يدفع العلامات الأوروبية إلى توسيع استثماراتها في الأسواق الناشئة، وتبني سياسات تسعير ديناميكية تراعي فروق الأسعار الإقليمية.

وفي ظل هذه التحديات، من المتوقع أن يظل المستهلك الأمريكي في قلب معادلة التوازن بين الأسعار والطلب، بينما تراقب الشركات الفاخرة عن كثب مدى استعداد العملاء لتحمل زيادات الأسعار دون تحويل إنفاقهم إلى أسواق أخرى. ويؤكد «يو بي إس» أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاهات القطاع وتأثير الرسوم الجمركية على مبيعات السلع الفاخرة عالميًا.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *