ساد التفاؤل أروقة الأسواق العالمية مع انطلاق أول جلسات الأسبوع، إذ ركّز المستثمرون أنظارهم على تطورات السياسة التجارية الأمريكية، رغم ما يكتنف هذا التفاؤل من حذرٍ، في ظل تقلب مواقف “ترامب” ونهجه القائم على ممارسة أقصى الضغوط تجاه الدول.
اختتمت الأسهم الأمريكية شهر يونيو بأداء استثنائي، محققةً إغلاقاً قياسياً جديداً، ومكاسب على الصعيدين الشهري والفصلي، وحتى على مدار النصف الأول من العام، وفي طوكيو، قفز مؤشر “نيكي” إلى أعلى مستوياته منذ 11 شهراً، فيما تراجعت مؤشرات الأسواق الأوروبية، لتتخلف عن موجة الصعود العالمي.
أما في الصين، فقد حققت بورصات البر الرئيسي مكاسب بدعم من تحسن نسبي في نشاط التصنيع خلال يونيو، رغم بقاء المؤشر في منطقة الانكماش للشهر الثالث على التوالي، ما يعكس تحسناً هشاً في القطاع.
وفي سوق المعادن، ارتفع الذهب مستفيداً من تراجع الدولار، في ظل تآكل ثقة المستثمرين بالأصول الأمريكية نتيجة السياسات المثيرة للجدل التي ينتهجها “ترامب” على الجبهتين المالية والتجارية.
في هذا السياق، هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية أعلى على اليابان، على خلفية رفضها استيراد الأرز من الولايات المتحدة رغم معاناتها من أزمة في الإمدادات، كما لوّح بالإبقاء على التعريفة البالغة 25% على واردات السيارات اليابانية، استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل.
من جانبه، أشار وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” إلى احتمال عودة الرسوم الجمركية على بعض الدول إلى مستوياتها السابقة قبل تعليقها، بسبب تعثر المفاوضات معها، مضيفاً أن التقدم في بعض الاتفاقيات التجارية قد يُعلن عنه فور تمرير مشروع قانون الضرائب والإنفاق في الكونجرس.
وفي تطور يعكس تكتيكات “ترامب” في ممارسة الضغوط على الدول، أعلن البيت الأبيض أن رئيس الوزراء الكندي “مارك كارني” رضخ للرئيس الأمريكي بإسقاط حكومته مقترح فرض ضريبة على شركات الخدمات الرقمية.
في أسواق الطاقة، انخفضت أسعار النفط مع انحسار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إلى جانب أنباء عن احتمال توجه تحالف “أوبك+” لإقرار زيادة إضافية في سقف الإنتاج خلال أغسطس المقبل.
وعلى الجانب الأمريكي، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة تسجيل إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام مستوى قياسياً جديداً خلال أبريل، مدعوماً بارتفاع الطلب المحلي.
سياسياً، واصل “ترامب” هجومه العلني على رئيس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول”، متّهماً إياه بالتقاعس عن خفض أسعار الفائدة، فيما ألمح وزير الخزانة إلى أن البيت الأبيض يدرس خيارات متعددة بشأن من سيخلف “باول” في قيادة المصرف المركزي.
اقتصادياً، كشفت بيانات رسمية عن تباطؤ التضخم في ألمانيا على نحو مفاجئ في يونيو، ليُلامس مستهدف المركزي الأوروبي البالغ 2% للمرة الأولى منذ عام تقريباً، إلا أن مبيعات التجزئة في أكبر اقتصاد أوروبي تراجعت للشهر الثاني على التوالي خلال مايو.
وفي تطور مناخي ذي أبعاد اقتصادية، تسببت موجة حر شديدة في ارتفاع أسعار الكهرباء الأوروبية لأعلى مستوياتها منذ شهور، بالتزامن مع اندلاع حرائق غابات في فرنسا، تبذل السلطات جهوداً مضنية للسيطرة عليها منذ يوم الأحد.
ومع عودة الاضطرابات التجارية إلى صدارة المشهد العالمي، يظهر على السطح مجددا سؤال محوري: هل تُفسح سياسات ترامب المجال أمام عملات أخرى لتحدي هيمنة الدولار؟
التعليقات