هدوءٌ حذر في الشرق الأوسط يُنعش وول ستريت، الذهب يلمع، والنفط يهوي مع تلاشي شبح إغلاق مضيق هرمز، بعد أن تكشّفت مفاجأة مدوية: التصعيد الإيراني الأخير كان بعِلم واشنطن، ليتبعه توصل طهران وتل أبيب إلى وقف إطلاق للنار.
أنهت الأسهم الأمريكية أولى جلسات الأسبوع على ارتفاع، بعدما قصفت إيران قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر برشقة صاروخية لم تسفر عن خسائر بشرية، وتأكيد البنتاجون أن طهران أخطرت كلاً من واشنطن والدوحة مسبقاً بالهجوم.
الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أعرب عن ارتياحه لما وصفه بـ”الرد المحدود”، معتبراً أن إيران “نفّست عن غضبها”، ودعاها إلى تغليب لغة السلام على نُذر التصعيد، ليُعلن بعدها في وقت مبكر من صباح الثلاثاء عن توصل إيران وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل.
وكانت طهران قد هدّدت سابقاً بإغلاق مضيق هرمز، بعد استهداف واشنطن ثلاث منشآت نووية رئيسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن ردها عبر ضرب قواعد أمريكية في الشرق الأوسط أشار إلى أنها آثرت التصعيد المُنضبط على المواجهة الشاملة، التي كانت لتُشعل أزمة طاقة عالمية.
تراجعت أسعار النفط بأكثر من 7% مع استبعاد خطر إغلاق المضيق، فيما ارتفع الذهب بدعم من استمرار الحذر، خاصة مع مواصلة إسرائيل ضرب أهداف إيرانية، مما أبقى التوترات الشرق أوسطية في صدارة المشهد العالمي.
في الأسواق العالمية، أدّى تصاعد وتيرة الأزمة قبل الرد الإيراني إلى هبوط الأسهم الأوروبية واليابانية، بينما سجّلت البورصات الصينية مكاسب مدعومة بأداء قوي في قطاع الشحن البحري والموانئ.
وزاد الإقبال على الدولار كملاذ آمن وسط هذا الاضطراب، مما أدى إلى تراجع الجنيه الإسترليني واليوان الصيني، فيما قفز سعر الألومنيوم إلى أعلى مستوياته في 3 أشهر بفعل المخاوف الجيوسياسية.
اقتصادياً، أظهر استطلاع أجرته “إس آند بي جلوبال” استقرار مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو في يونيو، ليظل ضمن نطاق النمو، ما يشير إلى قدر من الصمود الاقتصادي رغم رياح التباطؤ العالمية.
وفي الولايات المتحدة، كشف مسح منفصل تباطؤ وتيرة نمو النشاط الاقتصادي، رغم تسجيل التوظيف أعلى معدل للزيادة منذ عام، ما يُبرز التباين الواضح بين قوة سوق العمل واستمرار ضغوط الأسعار.
وبحسب بيانات أخرى، ارتفعت مبيعات المنازل القائمة في أمريكا بشكل طفيف خلال مايو مقارنة بالشهر السابق، لكنها تراجعت على الصعيد السنوي تحت ضغط من ارتفاع أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري.
وفي تطور يُبشر بانفراجة في النهج الحذر لصناع السياسة النقدية بالفيدرالي، أعربت “ميشيل بومان”، عضو مجلس المُحافظين، عن استعدادها لتأييد خفض أسعار الفائدة في اجتماع يوليو المقبل إذا ظلت الضغوط التضخمية عند مستويات منخفضة.
من جانبه، أبدى “أوستن جولسبي”، رئيس بنك الاحتياطي في شيكاغو، موقفاً مماثلاً نظراً لمحدودية آثار الرسوم الجمركية على التضخم حتى الآن، دون أن يربط موقفه بموعد زمني محدد.
وفي ضوء ما أظهرته الأسواق من تماسك نسبي رغم تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يبرز سؤال جوهري: لماذا تغض الأسواق الطرف عن الأحداث الخطرة؟ وهل أصبح التجاهل استراتيجية؟
التعليقات