عاد بصيص من التفاؤل ليسطع من جديد في سماء البورصات العالمية، مع انحسار المخاوف بشأن اتساع رقعة التوترات العسكرية في الشرق الأوسط، لكن هذه الآمال تبددت بعد دعوة “ترامب” سكان طهران إلى مغادرتها فوراً في وقت مبكر من صباح الثلاثاء.
شهدت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان، والصين، وكندا انطلاقة قوية مع بداية الأسبوع، مدفوعة بارتياح المستثمرين إزاء محدودية النزاع القائم بين إسرائيل وإيران، وعدم امتداده إلى مضيق “هرمز”؛ شريان الطاقة العالمي، الذي تمر عبره نحو خُمس صادرات النفط العالمية.
وفي خضم الأحداث المتسارعة، أكّد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ما أوردته بعض التقارير الصحفية عن رغبة إيران في التهدئة والجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكنه أشار بلهجة حاسمة إلى أن الأوان قد فات، قائلاً إن طهران لن تخرج منتصرة من هذه الحرب، وهو ما أضفى مزيداً من الغموض على مستقبل الصراع.
فقد استمر التصعيد بين الجانبين لليوم الرابع على التوالي، واستهدفت إسرائيل مبنى الإذاعة والتلفزيون في طهران، فيما قررت الجمهورية الإسلامية تعليق العمل في بورصتها حتى إشعار آخر، لحين هدوء الأوضاع.
ومع تحسُّن المعنويات، شهدت العملات المشفّرة موجة من المكاسب، في وقت خضع فيه الذهب لضغوط جني الأرباح، بعد قفزة قوية في نهاية الأسبوع الماضي مدفوعة بتصعيد عسكري مباغت من جانب إسرائيل.
أما في أسواق الطاقة، تراجعت أسعار النفط وسط تحسن المعنويات، فيما أبقت منظمة “أوبك” على تقديرها لنمو الطلب العالمي على الذهب الأسود في العامين الحالي والقادم، بينما خفّضت توقعاتها للإمدادات الدول غير الأعضاء في تحالف “أوبك+” في عام 2026.
لكن الذهب الأسود سرعان ما تحول للارتفاع في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، بعد دعوة “ترامب” سكان العاصمة طهران إلى مغادرتها فوراً، وإعلان البيت الأبيض عن قطع الرئيس قمة مجموعة السبع المنعقدة في كندا، وتوجهه إلى واشنطن لمتابعة التطورات في الشرق الأوسط، وسط تقارير حول مطالبته مجلس الأمن القومي الأمريكي بالتأهب في غرفة العمليات.
من جانبها، أكدت شركة “بيكر هيوز” للخدمات النفطية أن كافة عملياتها في الشرق الأوسط تسير بصورة طبيعية رغم التوترات، بينما حذّرت “وودسايد إنرجي” من تداعيات امتداد الصراع إلى منطقة مضيق “هرمز” على أسعار النفط والغاز الطبيعي.
وفي آسيا، تابع المستثمرون صدور بيانات صينية مهمة أظهرت تباطؤ وتيرة نمو الإنتاج الصناعي إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر خلال مايو، في حين جاءت مبيعات التجزئة أفضل من التوقعات، ما يعكس صورة غير متجانسة للطلب المحلي.
وفي مشهد يعكس عمق التحديات التي يواجهها القطاع العقاري الذي كان بمثابة قاطرة النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تراجعت أسعار المنازل الجديدة بأعمق وتيرة لها منذ سبعة أشهر، بالرغم من سلسلة التدابير التي اتخذتها بكين في الآونة الأخيرة لإنعاش السوق.
سياسياً، أعرب “ترامب” خلال قمة السبع في كندا عن رغبته في إعادة ضم روسيا للمجموعة، معتبراً استبعادها في عام 2014 خطأً عجّل بالحرب الأوكرانية، كما أبدى انفتاحه على ضم الصين أيضاً إذا لقيت الخطوة قبولاً من إحدى الدول الأعضاء.
وفي خضم انشغال الأسواق بالتطورات الجيوسياسية، حذّر محللو “جيه بي مورجان” من استمرار عدم اليقين المرتبط بالسياسات التجارية الأمريكية خلال ما تبقى من عام 2025، فيما كشف “بنك أوف أمريكا” عن بدء انحسار الطلب العالمي على الديون السيادية الأمريكية، مع تقليص البنوك المركزية تعرضها للأصول الدولارية.
وفي مشهد يتشابك فيه السياسي بالاقتصادي، يبقى السؤال الأهم هو: ما السيناريوهات المحتملة لتداعيات الأزمة الشرق أوسطية على الأسواق والاقتصاد العالميين؟
التعليقات